في الحقيقة هناك الكثير من الأشخاص الذين يسألونني شخصياً هل في المسيحية حلال وحرام كما هو الأمر في الإسلام واليهودية والديانات التي تحتوي على شرائع أي قوانين .
وتكون إجابتي كالتالي وأنا أعي أن السائل يريد مني أن أسرد عليه لائحة من الحلال والحرام والأوامر حتى يسلك بها في حياته ، لكن هذا يُنشئ في داخلي العديد من الأسئلة حول طريقة تفكير السائل .
بدايةً فالمسيحية " العهد الجديد " لن تجد فيها مفاهيم مثل " الحرام والحلال " لماذا ؟ السبب واضح لأن الشريعة اليهودية جاءت بالعديد من اللوائح " إفعل هذا ...لا تفعل هذا " " هذا مكروه ..وذاك محبوب " ...إلخ ، والسبب الثاني أن هذه اللوائح تجعل من الناس متكبرين ومتزمتين ، كيف ذلك ؟
فعندما ترى شخص متدين " ليس العيب في التدين وتَتَبُع طريق الإيمان " لكن المشكل تكْمُنُ في الإفتخار وأنك أحسن من الناس وأفضلهم وتُصبح تُدين الكل بدءا بعائلتك مرورا إلى الأشخاص الذين يركبون معك وسائل النقل .
فمسألة الحلال والحرام تعتمد بشكل كبير على مجال الأخلاق ، إذن فهل هذه الأخيرة تقوم على هذا المقياس ؟
أعتقد بأن الأخلاق مفهوم واسع وكبير على أن نختصرهُ في كلمتين " حلال وحرام " ، فكثير من المرات أرى أن أشخاصاً يتصرفون تصرفاً صحيحاً من خلال دافع صحيح ، ولكي أصل لهذا المستوى من الأخلاق أحتاج إلى علاقة حميمية مع الحكيم ومع المنطق المطلق الذي هو الله . لأنه هو المرشد في هذا المعيار ، بلا علاقة حميمية مع الله مستحيل أن يكون هناك إبداع في كل موقف ، وهذه العلاقة سَتُخْرجُني من إطار " الحلال والحرام " حتى تحميني من التكبر وقساوة القلب وإدانة الناس والغرور أيضا .
وهذا لا يعني أن الإنسان الذي لديه علاقة حميمية مع الله فهو ليست لديه ضوابط بل العكس تماماً ..كيف ذلك ؟
لأن الشخص الواقع في علاقة مع الله تجد قلبه يُوخِزُهُ وضميرهُ يُؤنبه لأنه لا يريد أن يخسر علاقته مع الله التي أساسها المحبة أكبر من الإنتباه على كسر قاعدة " حلال وحرام " .
هنا يأتي سؤال المهم في هذا الصدد ما الفرق بين الديانة والإيمان المسيحي ؟
لكي يتضح لنا الفرق بين الديانة والإيمان بخصوص موضوع " حلال وحرام " ، لابد أن نقف لنُحلل المصطلحين :
1 : الديانة : عبارة عن لوائح من الحلال والحرام ، تقوم بها حتى تَنجى من العقاب وإفعل هذه تَنال النجاة .
2 : الإيمان : عبارة عن علاقة مملوءة بالحب والإتحاد بالله ، فيها يتغير الإنسان تدريجيا ليعيش في نور وقداسة ، وتترك في نفس الإنسان بُغضا نحو الخطية مثلا : كالسب ، والحقد ، والإنتقام ، والبُغض ، والقتل ....إلخ .
لهذا في الإيمان المسيحي ليس لدي مصطلح حلال وحرام ، بل لدي وصايا واضحة التي نحب الله ونُحب الناس والذي يخرج من الحب فقط الحب والصلاح . كذلك توجد الخطية مثل : الكبرياء والأنانية التي تُخْرِجُ لنا الشر والفساد . وتُوجد كذلك مبادئ عامة من مُنطلق الحب مع الناس ، بحيث يحِلُ لي أشياء كما توجد أشياء لا تصلح لي كإبن لله وبما أنني سفير المسيح وصورة المسيح التي يراها الناس ، لذا يتوجب علي أن أتصرف بشكل يليق بهذه القيمة ، حتى أبني الناس الذين هم حولي وليس أن أهدمهم .
ثم يجب أن لا يتسلط عليك أي شئ لأن المسيح قد حررك من القيود ، مثلا : كالإدمان بشتى أنواعه : كالخمر أو التدخين أو الزنى ..إلخ ، لذا لا يجب عليك أن تعود للعبودية لأنك حُرْ في المسيح ولَستَ مُقيد .
إذن قاعدة الحلال والحرام موجودة حينما تفتح الإنجيل ، لكن كمصطلحين لن تجده لأنها تُعتبر مبادئ داخل هذا الإطار وهي الأهم فسوف تجد أن الخطايا مثلا هي : السرقة ( انجيل متى 19 : 18 ) ، الزنا ( إنجيل متى 5 : 28 ) ، الشذوذ ( 1 كورنثوس 6 : 9 ) ، الكذب ( إنجيل متى 19 : 18 ) ، السُكر ( أفسس 5 : 18 ) ...إلخ أمر غير أخلاقي ويمقته الله ، بينما ما يدخل في إطار الحلال هو ما يأتي من الحب ويعود بالنفع على البشر كافة .
الذي نزل هو القرآن الكريم ،على قلب محمد صلى الله عليه وسلم . وأنت أفهم الموضع من عندك :
ردحذفنَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201)
الذي نزل هو القرآن الكريم ،على قلب محمد صلى الله عليه وسلم . وأنت أفهم الموضع من عندك :
ردحذفنَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201)