من الواضح في لغتنا أن الخضوع لشخص ماهو أن تكون "تحت" سلطة ذلك الشخص. فالخاضع ليس نداً، وليس على نفس مستوى سلطة من هو أعلى منه.
وحين نتحدث عن خضوع المسيح، علينا أن نتناول هذا الموضوع بحرص بالغ. ذلك أن ثقافتنا تساوي الخضوع بعدم المساواة. غير أت الأقانيم الثلاثة في الثالوث القدوس متساوية في الطبيعة والكرامة والمجد. فالأقانيم الثلاثة أبدية، ذاتية الوجود، مشتركة في كل نواحي الألوهية وصفاتها.
ومع ذلك فإنه في خطة الله للفداء، تطوع الإبن بأن يقوم بدور الخاضع للآب, فالآب هو الذي أرسل الإبن إلى العالم. ونزل الإبن في طاعة إلى الأرض ليعمل مشيئة الآب. ومع ذلك علينا أن نكون حريصين بملاحظة أنه لامعنى للطاعة المفروضة. فكما أنهما متساويان في المجد. هكذا أيضا الآب والإبن متحدان في المشيئة. فالآب كان يريد الفداء بنفس القدر الذي كان يريده الإبن. وكان الابن تواقا للقيام بعمل الخلاص، كما أن الآب تواقاً لأن يقوم الابن بذلك. وأعلن يسوع أن غيرة بيت أبيه آكلته ( يوحنا 2: 17)، كما قال إن طعامه هو أن يعمل مشيئة الآب.
وأخيراً يجب ملاحظة أن خضوع المسيح وطاعته لم تكن في الآلام فقط. ذلك أن خطة الخلاص تضمنت جميع نواحي عمل المسيح من أجلنا، وتمجيد المسيح في النهاية .
لقد سُر الله في قصده الأبدي أن يختار ويقدر للرب يسوع، إبنه الوحيد أم يكون الوسيط بين الله والناس، وأن يكون النبي والكاهن والملك ورئيس كنيسته ومخلصها ووارث كل الاشياء، وديان العالم، الذي منذ الأزل أعطاه شعباً، ليكون نسله، وليكونوا بواسطته في الوقت المناسب مفدين، مدعوين ، مبررين، مقدسين، وممجدين.
وبإخضاع المسيح نفسه لمشيئة أبيه الكاملة، يكون قد عمل لنا ما لم نكن راغبين أو قادرين على أن نعمله من أجل أنفسنا. لقد أطاع ناموس الله بالكامل . وعند معموديته قال يوحنا: " لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر" (متى 3: 15). وتوضح حياة المسيح وخدمته كلها هذه الطاعة الكاملة.
وإذا أطاع يسوع الناموس بالكامل، فإنه حقق أمرين حيوين في غاية الأهمية. فمن ناحية، تأهل ليكون فادينا، الحمل الذي بلا عيب ولا دنس. ولو كان يسوع قد أخطأ لما إستطاع أن يكفر عن خطيته هو ناهيك عن خطايانا نحن.
ثانيا: بطاعته الكاملة ربح المكافآت التي وعد بها الله كل من يحفظون عهده. فقد إستحق مُكافآت السماء التي يهبها لنــا. وبإعتباره الخاضع خلص شعباً كان متمرداً.
الآب = الإبنمتساويات في الجوهر والسمات الأبدية