دائما في العبادة نسمع عبارة "بإسم الآب، والابن، والروح القدس.آمين" وهذا التعبير صيغة للثالوث القدوس تنسب الألوهية لأقانيم اللاهوت الثلاثة .
- ألوهية الروح القدس:
في حين أن ألوهية المسيح كانت موضع نقاش عبر قرون، ومازالت كذلك حتى الآن، إلا أن ألوهية الروح القدس قُبِلت في الكنيسة بصفة عامة. ولعل السبب في ألوهية الروح القدس لم تكن موضع جدل كثير، هو أن الروح القدس لم يأخذ إطلاقاً شكل إنسان.
والكتاب المقدس يُقدم الروح القدس بكل وضوح على أنه يمتلك الصفات الإلهية ويُمارس سلطانه الإلهي. ومنذ القرن الرابع ، نجد أن كل الذين وافقوا على أن الروح القدس أقنوم، وافقوا أيضا على أنه الله.
وما قيل عن الله في العهد القديم، كثيراً ما كان يُقال أيضا عن الروح القدس. وتعبيرات: "قال الله، "قال الروح.." كثيراً ما كانا يذكران بالتبادل . ويستمر هذا النمط في العهد الجديد ولعل ذلك لم يكن بأكثر قوة مما جاء في أعمال 5: 3-4، حيث بطرس الرسول: " يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل..أنت لم تكذب على الناس بل على الله". ووضح ببساطة أن الكذب على الروح القدس هو كذب على الله نفسه.
وكقول ختامي عن هذه النقطة، سوف أقتبس قول الرسول بولس حينما قال في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس ( 13: 14) : " نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم. آمين "
2. شخصية الروح القدس:
حينما نتحدث عن شخصية الروح القدس، فإننا نقصد بهذا أن الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس شخص وليس قوة، وهذا أمر واضح في الأسفار المقدسة، حيث إستخدمت الضمائر الشخصية للعاقل للإشارة إلى الروح القدس. ففي يوحنا 16: 13 قال يسوع: " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لايتكلم من نفسه بل كل ما يسمع به ويخبركم بأمور آتية".
وبالنظر إلى أن الروح القدس شخص حقيقي ومميز، وليس قوة غير شخصية معه. لقد قال بولس بركة ختامية لكنيسة كورنثوس تبرز هذا" نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم، آمين. "
ولأن الروح القدس "شخص" فإنه من اللائق أن نصلي له. ودوره في الصلاة هو مساعدتنا في التعبير عن أنفسنا للآب بشكل كافٍ. وكما أن يسوع يتشفع من أجلنا كرئيس كهنتنا، هكذا أيضا يتشفع الروح القدس من أجلنا في الصلاة. فالروح القدس يُعزي، ويُرشد، ويُعلم المختارين(يوحنا16) وهذه الأنشطة تُؤدي بطريقة تتطلب ذكاء، وإرادة، وشعوراً، وقوة. فهو يفحصُ، ويختار، ويُعلِنُ ويعزي ويُبكث وينصح.
3. الروح القدس المُعزي
في تعليم يسوع، في العلية في الليلة السابقة لموته، تكلم بإستفاضة عن الروح القدس. وقال " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم مُعزيــا آخر ليمكث معكم إلى الأبد" ( يوحنا 14: 16). وكلمة "معزي" تترجم أحيانا " معاوناً" أو " مُشيراً" وهي مشتقة من الكلمة اليونانية " بارقليط Paraclete "
وفي العالم القديم، كان المُعين "Paraclete" هو شخص يستدعي لتقديم العون في المحكمة. والروح القدس في قيامه بدوره يقوم بأكثر من مهمة. ومن بين هذه المهام قيام الروح القدس بمساعدة المؤمن في مُخاطبته الآب. وقد كتب بولس لكنيسة رومية: " وكذلك الروح أيضا يُعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نُصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها. ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ماهو اهتمام الروح. لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين" ( رومية 8: 26- 27).
4. معمودية الروح القدس:
هناك فرق بين الولادة الثانية من الروح القدس ومعمودية الروح القدس. فالولادة الثانية تُشير إلى إعطاء الروح القدس حياة جديدة للمؤمن، إذ يحيي شخصاً كان ميتاً في الخطية، في حين أن معمودية الروح القدس هي إعطاء الله القوة لشعبه من أجل الخــدمة.
ويمكن تعريف معمودية الروح القدس إذن بأنها عمل روح الله في قلب المؤمن لتوحيده مع المسيح ومع المؤمنين الآخرين في جسد المسيح لحظة الخلاص. قد تنبأ يوحنا المعمدان عن معمودية الروح القدس(مرقس 1: 8) كما تنبأ عنها المسيح قبل صعوده إلى السماء: " لأن يوحنا عمَّد بالماء وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير" ( أعمال 1: 5) ، وقد تحقق هذا الوعد في يوم الخمسين( أعمال الرسل2: 1-4).