عدالة الله
" العدالة " كلمة نسمعها كل يوم. ونحن نستخدمها في العلاقات الشخصية والمواثيق الإجتماعية، وفي التشريع، وفي أحكام القضاء في المحاكم. وعلى الرغم من أن الكلمة شائعة، إلا أنها أربكت الفلاسفة الذين سعوا لإيجاد تعريف كاف لها.وأحيانا نربط أو نُساوي بين العدالة وما يُكتسب أو يُستحق. نتحدث عن أناس نالو ما يستحقونه بعدالة، سواء من ناحية المكافآت أو العقوبات، ولكن المكافآت لاتقوم دائما على أساس الإستحقاق.
فقد حدد أرسطو العدالة بأنها: " إعطاء الشخص استحقاقه" ( أو إستحقاقها) . وما يستحق يمكن تحديده بإلتزامات أخلاقية أو على أساس اتفاق مسبق. وإذا عوقب شخص بقسوة أكثر مما تستحقه جريمته، هنا تكون العقوبة ظالمة. وإذا تلقى شخص مكافأة أقل مما يستحقه، هنا تكون المكافأة ظالمة.
كيف تنتسب الرحمة إذاً إلى العدالة؟ فمن الجلي أن الرحمة والعدالة شيئان مختلفان، على الرغم من أنه قد يخلط بينها في بعض الأحيان. والرحمة تتأتى حين يُعاقب المرء بأقل مما يستحق، أو يعطى مكافأة بأكثر مما ربحه.
والله يخفف من عدالته برحمته. ونعمته هي أساسها نوع من الرحمة. والله يترأف بنا حين يمنع العقوبة التي يستحقها، وحين يكافئ طاعتنا على الرغم من حقيقة أننا ندين له بالطاعة وبذلك فنحن لا نستحق أية مكافأة.
والرحمة هي دائما أمر اختياري بالنسبة لله. وهو ليس ملزماً على الإطلاق أن يكون رحيماً. وهو يحتفظ بحقه في أن يمارس نعمته، بحسب مسرة مشيئته. ولذلك قال لموسى: " إني أرحم من أرحم وأتراءف على من أتراءف" ( رومية 9: 15) .
لقد تلقى بولس نعمة من الله، وتلقى يهوذا الاسخريوطي عدالة فالرحمة والنعمة هي أشكال من عدم العدالة ولكنها ليست أعمال ظلم.
ومن الناحية الكتابية، عُرفت العدالة في إطار البر. فحين يكون الله عادلا فهو يعمل ماهو صواب. ولقد طرح إبراهيم على الله سؤالا بلاغياً لايمكن إلا أن تكون له إجابة واضحة: " أديان كل الأرض لايصنع عدلاً؟ "( تكوين 18: 25)
كخلاصة للموضوع:
فالعدالة هي إعطاء ماهو مستحق ، والعدالة لها إرتباط بالبر والعمل ماهو صحيح، والظلم هو خارج إطار العدالة، وهو إنتهاك للعدل. والرحمة هي أيضاً خارجة عن إطار العدالة، ولكنها ليست إنتهاكاً لهـــا.