كثيراً ما ننظر إلى شكل الشيطان وكأنه هارب من حفلة عشية عيد جميع القديسين، فيُصور وهو لابس حلة حمراء سخيفة، وله حوافر مشقوقة الظلف، وذيل، ويحمل رمحاً ثلاثي الشعب. ومثل هذه هذا الشكل يكون موضع سخرية بين أولئك الذين ينكرون المسيحية الكتابية.
لعل مشكلتنا مع الشيطان ترجع إلى حقيقة أننا نتفاعل مع رسم كاريكاتوري بدلا من رأي كتابي عنه. وكلمة الشيطان في الكتاب المقدس تعني" الخصم". ونحن نعرفه باسم "إبليس". وهو خليقة ملائكية سامية، تمرد- قبل خلق البشر- على الله، ومنذ ذلك الحين وهو في حرب مع الناس ومع الله. ويسمى " سلطان الظلمة" و " أبو الكذاب"، و"المشتكي"، و" الحية الخادعة". والصورة الحقيقية لاتمت بصلة للصورة التي تعودنا عليها والتي نراه فيها وله قرون، وشكل كوميدي.
وهذه الصورة - ولو جزئيا- نبعث من كنيسة العصور الوسطى. فقد ابتكرت الكنيسة عمداً هذه الصورة الحمقاء للشيطان كي تسخر منه. فقد كانت الكنيسة على قناعة أن الوسيلة الفعالة للصمود أمام الشيطان هي إهانته. وكانت الناحية الأكثر صعفاً لمهاجمته في كبريائه على أنها وسيلة مؤثرة لطرده.
والنظرة الكتابية للشيطان أكثر من ذلك تعقيداً. فهو يظهر "كملاك نور". وهذه ه الصورة تشير إلى قدرة الشيطان وذكائه من ناحية إظهار نفسه بمظهر طيب. فالشيطان ماكر ، مُخادع، بارع، يتكلم بذكاء، ومظهره مذهل. وسلطان الظلمة يرتدي عباءة من نور. كذلك يتحدث الكتاب المقدس عن الشيطان باعتباره أسداً زائراً، يبحث عمن يبتلعه. كذلك أشير إلى المسيح كأسد، أسد يهوذا. وهو الفادي الأسد المُضاد للأسد المبتلع. والصورتان كلتاهما تبرزان القوة.
كيف يتصرف المؤمن إذن بالنسبة للشيطان؟ فالشيطان مخيف حقاً. وقد جاء في بطرس الأولى 5: 8 " إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو". ومع ذلك لايتوجب على المؤمن أن يُقابل ذلك بالفزع فحسب. قد يكون إبليس على أقوى منا، لكن المسيح أقوى منه. ويقول الكتاب المقدس: " الذي فيكم أعظم من الذي في العالم" ( يوحنا الأولى 4: 4). وإبليس على كل حال ماهو سوى مخلوق. وهو مخلوق محدود ومتناه. وهو محدود في المكان في آن واحد. ولايجب النظر إليه بأي حال على أنه على قدر متساو مع الله. والشيطان من نظام أعلى من البشر فهو ملاك ساقط. ولكنه ليس إلها.