يفترض كثيرون بأنهم بمحاولتهم أن يعيشوا عيشة صالحة، فإنهم بهذا قد عملوا كل ماهو ضروري للوصول إلى السماء. وهم يقيمون ثقتهم على الأعمال الصالحة التي عملوها للإيفاء بمطاليب العدل الإلهي.
وهذا رجاء خطير. فناموس الله يُطالب بالكمال . وبالنظر إلى أننا غير كاملين، فمن ثم نفتقر إلى الصلاح اللازم لدخول السماء. ولذا فإن الصلاح لايمكن أن يتحقق نتيجة الحياة الصالحة. ولايمكننا أن نحصل عليه إلا بالإتكال على بر المسيح. فاستحقاقه كامل ومُتاح لنا بالإيمان.
والإعتقاد بأننا نتبرر بأعمالنا الصالحة بمعزل عن الإيمان معناه تبني هرطقة الناموسية. وأن نعتقد بأننا نتبرر بنوعية من الإيمان لايتولد عنه أعمال صالحة هو تبني هرطقة اللاناموسية.
وعلاقة الإيمان والأعمال الصالحة هي علاقة يمكن تمييزها ولكن لايمكن فصلها إطلاقاً. وعلى الرغم من أن أعمالنا الصالحة لاتضيف أي استحقاق لإيماننا أمام الله، وعلة الرغم من أن الشرط الوحيد لتبريرنا هو إيماننا بالمسيح، فإذا لم تتأت الأعمال الصالحة نتيجة إيماننا، فمن الجلي أن في هذا دلالة واضحة على أننا لانمتلك الإيمان الذي يبرر. وصيغة الكنائس المصلحة هي: " نحن نتبرر بالإيمان فقط، ولكن ليس بالإيمان الذي يقف وحده" . فالتبرير الحقيقي يتأتى دائما في عملية التقديس. فإذا كان هناك تبرير، فلابد وأن يتبعه تقديس. وما لم يتبعه تقديس، فمن المؤكد أن التبرير يعتمد على التقديس أو يقوم عليه. فالتبرير لايعتمد إلا على الإيمان الحقيقي، والذي ستتولد عنه بكل تأكيد أعمال الطاعة.
وحين أعلن يعقوب أن الإيمان بدون أعمال ميت، أكد أن مثل هذا "الإيمان" لايمكنه أن يبرر أحدا لأنه ليس حياً. فالإيمان الحي يولد أعمالا صالحة، لكن هذه الأعمال الصالحة ليست أساس التنوير. فالإستحقاق الذي احرزه المسيح هو فقط الذي يستطيع أن يبرر الخاطئ.
إنها لغلطة شنيعة، بل هي في الواقع شكل جديد من أشكال هرطقة اللاناموسية، أن تقول إنه يمكن للإنسان أن يتبرر بقبوله يسوع كمخلص وليس كرب. فالإيمان الصادق يقبل المسيح مُخلصاً ورباً.
وأن نعتمد على المسيح فقط من أجل الخلاص معناه الإعتراف بإعتماد التام عليه، والتوبة على خطيتك. والتوبة عن الخطية هي الخضوع لسلطان المسيح علينا. وإنكار ربوبيته يعني طلب التبرير بإيمان غير تائب، وهذا لايُعد إيمانـــاً .
وعلى الرغم من أعمالنا الصالحة لاتستحق الخلاص، إلا أنها الأساس الذي بمقتضاه وعد الله أن يوزع المكافـــآت في السماء. ولكن دخولنا إلى ملكوت الله لايكون إلا بالإيمان فقط. ومكافآتنا في السماء ستكون طبقاً لأعمالنا الصالحة والتي كما يقول أغسطينوس، هي تتويج الله بكرمه لعطاياه هـــو.