-->

مقارنة الأديان مقارنة الأديان
recent

آخر الأخبار و المواضيع

recent
random
جاري التحميل ...
random

البعد الإلهي للإنسان

البعد الإلهي للإنسان




   كل المسيحية تَكمُنُ في هذا الكلام عن المسيح. لقد خُلِقَ الإنسان ليعرف الله. وحياته الحقيقية أي الأزلية هي أن يعرفَهُ.
غير أن هذه المعرفة التي نحن في صددها على إستعاب كل الأشياء بما في ذلك الله. فقد فاته أن يُدرك أن عدم قابلية إصلاح سقوطنا الذي لا قرار له أتى وليد إظلام العقل وإنحلال المعرفة الحقيقية. كما فاته أن يُدرك أن معرفة الله الني يتكلم عنها المسيح والتي يُساويها بالحياة الأبدية في الفردوس، ليست مجرد معرفة عقلانية عن الله.

فمعرفتنا تظل أسيرة الحدود التي رسمتها المعرفة الساقطة والمجتزأة التي شلّتها الخطيئة، ففقدت إمكان الوصول إلى الجوهر ما تنوي معرفته، وهذا ما حدث لآدم حينما قرر أن يعيش لــ " أناه" مُكتفيا بذاته ومستغياً عن الله، فما عاد يعرف الله وبطلت حياته هذا اللقاء وهذا الإتحاد بخالقه، ومن خلاله بكل الخليقة اللذين كوّناً في مامضى وبحسب سفر التكوين طبيعة الفردوس نفسها. ووحده هذا اللقاء بالله الحي، بالله كحياة الحياة هو ما تعطش إليه وما لايمكن إلا أن تعطش إليه النفس، لأنه في أعمق معانيه ليس إلا ذاك العطش عينه الذي تتوق إليه النفس " عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي ..."(مزمور 42: 2) . ويُعدُ الشكر هو الملئ الذي نجده في النفس التي تعرف الله، فهو قادر أن يعيد المعرفة الكاملة للعالم إلى حالتها الأولى بعدما تشوهت فسقطت بسقوط الإنسان في الخطيئة وبابتعاده عن الله، من مستوى المعرفة المطلقة إلى درك المعرفة النسبية التي لاتتعدى المعرفة " الموضوعية" أي الخارجية.

منذ أن خُلق الإنسان وهو مدعو إلى ممارسة سلطانه هذا عل الخليقة. ففي الفردوس نصبّه الله ملكاً على الخليقة خالعاً عليه صفة الألوهة " على صورته كشبهه" التي خوّلته تسمية " كل ذات نفس حية" كان آدم يعرف كل تلك المخلوقات من داخل. كان يعرفها بجوهرها الأول وكان يدرك الغاية الإلهية من خلقها. ما أعاده إلينا الشكر هو معرفة العالم على حقيقته التي خبرها آدم في الفردوس والتي تتعدى مجرد معرفة شئ عن العالم. ولأن شكر الله يعني معرفة الله، فهو يسمح لنا أن نعرف العالم على أنه عالم الله. معرفة العالم من هذا المنظار لاتجعلنا ترى في الله مبدأ كل الأشياء فحسب، بل تذهب بنا إلى ماهو أبعد من ذلك وأسمى عندما تجعلنا نرى في كل صغيرة وكبيرة من هذا العالم عطية ومحبة الله وإعلانات عنه وتجليات له ودعة  إلى رؤية وتنسُّم نفحاته والبحث عن بصماته في كل الأشياء وإلى الإتحاد بكل ماعلى هذه الأرض وإخضاعه، لنحيا فيه وحده.

في المسيح إرتقت الطبيعة الإنسانية إلى السماء وتقدّست وتألّهت." لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يَخطُر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه. فأعلنه الله لنا نحن بروحه لأن الروح بفحص كل شئ حتى أعماق الله" (1كورنثوس2: 9-10). لقد كان الفردوس على الأرض فيما مضى وإرتفعنا نحن إلى السماء فصارت حياتنا اليوم"مستترة مع المسيح في الله" (كولوسي3:3). الكنيسة هي كشف هذه العطية الكبرى والسامية ومنحها. هذا الأمر لايحدث إلا في سر الشكر الذي فيخ تكتمل الكنيسة سماءً على الأرض. 

التعليقات



المشرف عن مدونة مقارنة الأديان يحث الباحثين والدارسين لتعميق البحث في مجال الأديان لتوصل إلى حقائق عقدية وروحية فشاركونا بآراكم تحياتي

إتصل بنا

تابعونا ليصلكم جديدنا

جميع الحقوق محفوظة

مقارنة الأديان

2016